عبارة "أنا آكل الأخضر واليابس ولا أزيد في الوزن" هي الشكوى رقم واحد في عيادات التغذية. ولكن، عندما نطلب من هذا الشخص تدوين كل ما يأكله وحسابه بدقة، نكتشف المفاجأة: هو يأكل أقل بكثير مما يعتقد، أو يأكل بشكل عشوائي. الحقيقة العلمية الثابتة هي أن الجسم آلة بيولوجية دقيقة؛ لا يمكنك إدارة ما لا يمكنك قياسه. لذا، فإن معرفة كيفية حساب السعرات الحرارية لزيادة الوزن هي الخطوة الفاصلة بين العشوائية والنتائج المضمونة.
في هذا الدليل العملي، سنتحول قليلاً إلى لغة الأرقام. سنشرح لك المعادلات العلمية المعتمدة عالمياً (مثل معادلة ميفلين-سانت جيور) لحساب احتياج جسمك بدقة، ثم سنعلمك كيفية إضافة "الفائض" المناسب، وكيفية ترجمة هذه الأرقام إلى وجبات حقيقية باستخدام أطعمة غنية بالسعرات الحرارية لزيادة الوزن التي استعرضناها في مقالنا السابق.
لماذا الحساب ضروري؟ (معادلة توازن الطاقة)
جسمك يعمل بمبدأ "توازن الطاقة" (Energy Balance).
لكي يزيد وزنك، يجب أن تكون المعادلة كالتالي:
السعرات الداخلة (طعام) > السعرات الخارجة (حرق).
بدون حساب، قد تظن أنك في فائض، بينما أنت في الحقيقة بالكاد تغطي احتياجك اليومي، وهذا هو السبب الرئيسي لثبات الوزن لدى النحفاء.
الخطوة الأولى: حساب معدل الأيض الأساسي (BMR)
معدل الأيض الأساسي (Basal Metabolic Rate) هو عدد السعرات التي يحرقها جسمك وهو في حالة راحة تامة (للتنفس، ضخ الدم، عمل الدماغ) دون أي حركة.
أدق معادلة لحساب ذلك هي معادلة ميفلين-سانت جيور (Mifflin-St Jeor):
| الجنس | المعادلة الحسابية |
|---|---|
| للرجال | (10 × الوزن بالكجم) + (6.25 × الطول بالسم) - (5 × العمر بالسنوات) + 5 |
| للنساء | (10 × الوزن بالكجم) + (6.25 × الطول بالسم) - (5 × العمر بالسنوات) - 161 |
مثال عملي للتوضيح:
لنفترض شخصاً اسمه "أحمد":
الوزن: 60 كجم | الطول: 175 سم | العمر: 25 سنة.
BMR لأحمد = (10 × 60) + (6.25 × 175) - (5 × 25) + 5
= 600 + 1093.75 - 125 + 5 = 1573.75 سعرة حرارية.
(هذا ما يحرقه أحمد لو ظل نائماً طوال اليوم).
الخطوة الثانية: حساب احتياج الطاقة اليومي الكلي (TDEE)
أنت لا تظل نائماً طوال اليوم. أنت تتحرك، تمشي، وتعمل. لذا، يجب ضرب الـ BMR في "عامل النشاط" لمعرفة سعرات الثبات (Maintenance Calories):
- خامل (لا رياضة، عمل مكتبي): BMR × 1.2
- نشاط خفيف (رياضة 1-3 أيام/أسبوع): BMR × 1.375
- نشاط متوسط (رياضة 3-5 أيام/أسبوع): BMR × 1.55
- نشاط عالي (رياضة 6-7 أيام/أسبوع): BMR × 1.725
- نشاط شاق جداً (عمل بدني + تمرين): BMR × 1.9
بالعودة لمثال أحمد:
إذا كان يتمرن 3 أيام في الأسبوع (نشاط خفيف):
1573.75 × 1.375 = 2163 سعرة حرارية.
هذا الرقم (2163) هو ما يحتاجه أحمد ليبقى وزنه ثابتاً (لا يزيد ولا ينقص).
الخطوة الثالثة: تحديد الفائض (The Surplus)
الآن تأتي اللعبة الحقيقية. لزيادة الوزن، يجب أن نأكل أكثر من رقم الثبات. ولكن كم نزيد؟
1. الزيادة الآمنة (Lean Bulk)
إضافة 300 إلى 500 سعرة حرارية يومياً.
النتيجة: زيادة حوالي 0.5 كجم أسبوعياً، معظمها عضلات وقليل من الدهون. هذا هو الخيار الأفضل صحياً.
2. الزيادة السريعة (Dirty Bulk)
إضافة 700 إلى 1000 سعرة حرارية يومياً.
النتيجة: زيادة سريعة في الوزن (1 كجم+ أسبوعياً)، لكن نسبة كبيرة منها ستكون دهوناً (كرش). نلجأ لهذا فقط في حالات النحافة المرضية الشديدة جداً.
الرقم النهائي لأحمد (لزيادة آمنة):
2163 (ثبات) + 500 (فائض) = 2663 سعرة حرارية يومياً.
الخطوة الرابعة: تقسيم الماكروس (ماذا نأكل؟)
السعرات ليست مجرد رقم. 2600 سعرة من السكر تختلف عن 2600 سعرة من اللحم والأرز. يجب تقسيم هذا الرقم على المغذيات الكبرى (الماكروس) لضمان بناء العضلات:
1. البروتين (البناء)
يحتاج الجسم لبناء العضلات حوالي 1.6 إلى 2.2 جرام لكل كجم من وزن الجسم.
لأحمد (60 كجم): 60 × 2 = 120 جرام بروتين.
(البروتين = 4 سعرات/جرام) -> 120 × 4 = 480 سعرة.
2. الدهون (الهرمونات)
الدهون الصحية ضرورية. النسبة المثالية هي 25% إلى 30% من إجمالي السعرات.
لأحمد: 2663 × 0.25 = 665 سعرة.
(الدهون = 9 سعرات/جرام) -> 665 ÷ 9 = 74 جرام دهون.
3. الكربوهيدرات (الطاقة)
ما تبقى من السعرات يذهب للكربوهيدرات.
المتبقي: 2663 - (480 + 665) = 1518 سعرة.
(الكربوهيدرات = 4 سعرات/جرام) -> 1518 ÷ 4 = 380 جرام كربوهيدرات.
أدوات لا غنى عنها للتطبيق
الآن لديك الأرقام، كيف تطبقها؟
- ميزان طعام رقمي (Kitchen Scale): لا تعتمد على "الكوب" و"الملعقة"، فهي غير دقيقة. 100 جرام أرز تختلف تماماً بالنظر عن الميزان.
- تطبيقات تتبع السعرات: تطبيقات مثل (MyFitnessPal) أو (FatSecret). تقوم بإدخال الطعام ووزنه، وهي تحسب لك السعرات والماكروس تلقائياً.
- قراءة الملصقات الغذائية: تعلم قراءة ظهر العبوات لمعرفة السعرات في كل حصة.
أخطاء شائعة تدمر حساباتك
من خلال تجربتنا العملية، نجد أن الحسابات تفشل للأسباب التالية:
- نسيان "الإضافات": زيت القلي، السكر في الشاي، الصوصات. ملعقة زيت واحدة منسية تضيف 120 سعرة!
- تقدير الوزن بالنظر: العين تخدع. ما تظنه 200 جرام قد يكون 300 أو 100.
- عدم تحديث الأرقام: كلما زاد وزنك، زاد احتياجك. يجب إعادة الحساب كلما زدت 2-3 كيلوجرامات.
الخلاصة: الأرقام لا تكذب
إن معرفة كيفية حساب السعرات الحرارية لزيادة الوزن تحررك من التخمين. عندما تتبع الأرقام، ستعرف بالضبط لماذا زاد وزنك أو لماذا ثبت. ابدأ اليوم: احسب الـ BMR، حدد نشاطك، أضف 500 سعرة، وقسمها على البروتين والدهون والكربوهيدرات. ثم املأ هذه الأرقام بالأطعمة الغنية التي ذكرناها سابقاً، وراقب كيف يتحول جسمك أسبوعاً تلو الآخر.
الأسئلة الشائعة حول حساب السعرات
هل يجب أن أحسب السعرات لبقية حياتي؟
لا، الحساب ضروري فقط في البداية (أول 3-6 أشهر) لتعليمك حجم الحصص وتدريب عينك ومعدتك. بمجرد أن تتعود على كمية الطعام المطلوبة وتصل للوزن المثالي، يمكنك الاعتماد على "الأكل الحدسي" والحفاظ على الوزن دون حساب دقيق.
ماذا أفعل إذا حسبت السعرات ولم أزد في الوزن؟
إذا مر أسبوعان وأنت ملتزم بالرقم المحسوب ولم يزد وزنك، فهذا يعني أن معدل الحرق لديك أعلى مما توقعت المعادلة (وهذا شائع جداً). الحل بسيط: أضف 200-300 سعرة أخرى إلى الرقم الحالي واستمر في المراقبة.
هل وزن الطعام يكون قبل الطهي أم بعده؟
الأدق دائماً هو وزن الطعام قبل الطهي (نيء). الأرز والمكرونة يتضاعف وزنها بالماء بعد الطهي، واللحوم يقل وزنها بعد فقدان الماء. المعلومات الغذائية على التطبيقات والعبوات تكون عادة للوزن النيء، إلا إذا ذُكر خلاف ذلك (مثلاً: صدر دجاج مشوي).
