عندما يصاب طفلك بالإسهال، يكون القلق سيد الموقف. الخوف من الجفاف، الانزعاج من آلام البطن، والحيرة حول ما يجب تقديمه له من طعام، كلها أمور تشغل بال كل أم وأب. في هذه الأوقات، تصبح المعدة حساسة للغاية، واختيار الطعام الخاطئ قد يزيد الأمر سوءًا. ولكن، هناك أطعمة طبيعية لعلاج الإسهال عند الأطفال تعمل كمهدئ للجهاز الهضمي وتساعد على تماسك الأمعاء واستعادة عافيتها.
هذا الدليل هو مرجعكِ للطوارئ. سنشرح لكِ بوضوح ما يجب تقديمه لطفلكِ لتعويض السوائل المفقودة، وما هي الأطعمة التي تعمل كـ "رابط" طبيعي للأمعاء، والأهم من ذلك، ما هي الأطعمة التي يجب تجنبها تمامًا حتى لا تتفاقم المشكلة. هدفنا هو مساعدتكِ على تجاوز هذه الوعكة الصحية بأمان وسرعة.
القاعدة الأولى: الترطيب قبل التغذية
الخطر الحقيقي للإسهال ليس الجوع، بل الجفاف. يفقد جسم الطفل السوائل والأملاح (الإلكتروليتات) بسرعة كبيرة. قبل التفكير في الطعام الصلب، ركزي على السوائل:
- محلول الجفاف (ORS): هو الخيار الأفضل والأكثر أمانًا لتعويض الأملاح المفقودة بدقة. متوفر في الصيدليات.
- الماء: قدمي رشفات صغيرة ومتكررة من الماء.
- تجنبي: العصائر المحلاة والمشروبات الغازية، لأن السكر العالي فيها يسحب الماء إلى الأمعاء ويزيد الإسهال سوءًا.
الأطعمة الصديقة: نظام BRAT وما بعده
لفترة طويلة، أوصى الأطباء بنظام BRAT (الموز، الأرز، عصير التفاح، التوست). ورغم أنه لم يعد يُوصى به كنظام حصري لفترة طويلة (لأنه يفتقر للبروتين والدهون)، إلا أن مكوناته تظل خيارات ممتازة للمرحلة الأولى من العلاج (أول 24 ساعة) لأنها سهلة الهضم وتساعد على تماسك البراز.
1. الموز (B - Bananas)
الموز سهل الهضم وغني بالبكتين (ألياف قابلة للذوبان) الذي يمتص السوائل الزائدة في الأمعاء. كما أنه غني بالبوتاسيوم لتعويض ما فُقد.
2. الأرز الأبيض (R - Rice)
الأرز الأبيض المسلوق (بدون زيوت أو توابل قوية) هو مصدر ممتاز للطاقة وسهل الهضم للغاية. النشا الموجود فيه يغلف بطانة المعدة ويهدئها. يمكن استخدام ماء سلق الأرز أيضًا كمشروب مهدئ.
3. عصير التفاح "البيوريه" (A - Applesauce)
التفاح المطهو والمهروس (وليس العصير الصافي) يحتوي أيضًا على البكتين. تأكدي من تقشيره لأن القشور قد تكون صعبة الهضم.
4. الخبز المحمص/التوست (T - Toast)
الخبز الأبيض المحمص أو البسكويت المملح البسيط (Crackers) يوفر الكربوهيدرات وبعض الصوديوم. تجنبي الخبز الكامل الغني بالألياف في هذه المرحلة.
ماذا نأكل بعد تحسن الأعراض قليلاً؟
بمجرد أن تبدأ شهية طفلك في العودة ويقل عدد مرات الإسهال، يمكنكِ إدخال أطعمة مغذية أكثر لتعزيز الشفاء:
- الدجاج المسلوق أو المشوي: مصدر بروتين سهل الهضم لترميم الأنسجة.
- الزبادي (الروب): يحتوي على البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) التي تساعد في إعادة التوازن للأمعاء ومحاربة العدوى. (راجع: الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك).
- الجزر والبطاطس المسلوقة: خضروات نشوية سهلة الهضم ومغذية.
قائمة الممنوعات: أطعمة تزيد الطين بلة
خطأ شائع يقع فيه الكثيرون هو تقديم أطعمة تبدو صحية ولكنها تهيج الأمعاء المصابة. تجنبي هذه الأطعمة تمامًا حتى يتعافى طفلك:
| نوع الطعام | لماذا يجب تجنبه؟ |
|---|---|
| الأطعمة الدهنية والمقلية | الدهون صعبة الهضم وتسرع حركة الأمعاء، مما يزيد الإسهال. |
| منتجات الألبان (الحليب السائل) | قد يعاني الطفل من "عدم تحمل اللاكتوز المؤقت" أثناء الإسهال، مما يسبب الغازات والانتفاخ. (الزبادي استثناء). |
| الأطعمة الغنية بالألياف (الخشنة) | الخضروات النيئة، الحبوب الكاملة، والبقوليات تزيد من حجم الفضلات وحركة الأمعاء، وهو ما لا نريده الآن. |
| السكريات والحلويات | السكر يسبب "الإسهال التناضحي" (سحب الماء للأمعاء). |
نصائح عملية لتقديم الطعام للطفل المريض
- وجبات صغيرة ومتكررة: قدمي كميات صغيرة جدًا (ملعقتين أو ثلاث) كل بضع ساعات بدلاً من وجبات كبيرة ترهق المعدة.
- درجة الحرارة: قدمي الطعام دافئًا أو بدرجة حرارة الغرفة، وتجنبي الطعام الساخن جدًا أو البارد جدًا.
- لا تجبريه: إذا رفض الطفل الأكل، لا تضغطي عليه. الأهم هو شرب السوائل. الشهية ستعود بمجرد أن يشعر بالتحسن.
الخلاصة: العودة التدريجية هي المفتاح
علاج الإسهال بالغذاء يعتمد على الصبر والتدرج. ابدئي بالسوائل، ثم الأطعمة النشوية البسيطة (BRAT)، ثم البروتين الخفيف، وأخيرًا عودي للنظام الغذائي المعتاد. من خلال اختيار الأطعمة الطبيعية المهدئة وتجنب المهيجات، ستساعدين طفلك على استعادة صحته وابتسامته في أسرع وقت ممكن.
الأسئلة الشائعة حول تغذية الطفل المصاب بالإسهال
هل يجب أن أوقف الرضاعة الطبيعية؟
لا، أبدًا! حليب الأم هو أفضل دواء للإسهال. يحتوي على سوائل، عناصر غذائية، وأجسام مضادة تحارب العدوى. استمري في الرضاعة عند الطلب، وربما أكثر من المعتاد لتعويض السوائل.
متى يجب أن أذهب للطبيب؟
يجب استشارة الطبيب فورًا إذا كان الطفل عمره أقل من 6 أشهر، أو إذا ظهرت علامات الجفاف (جفاف الفم، قلة الدموع، خمول، حفاضات جافة لأكثر من 6 ساعات)، أو إذا كان هناك دم في البراز، أو حرارة عالية، أو إذا استمر الإسهال لأكثر من 3 أيام.
هل المشروبات الرياضية جيدة لتعويض السوائل؟
لا ينصح بها للأطفال الصغار. المشروبات الرياضية مصممة للبالغين وتحتوي على كميات عالية من السكر ونسب غير متوازنة من الأملاح بالنسبة لجسم الطفل. محلول الجفاف (ORS) المخصص للأطفال هو الخيار الوحيد الآمن والفعال.
