آخر المقالات

متى يبدأ الرضيع بالجلوس؟ دليلك الشامل لمراحل التطور

رضيع يجلس بمفرده بفخر على الأرض، لتوضيح متى يبدأ الرضيع بالجلوس بمفرده.
متى يبدأ الرضيع بالجلوس؟ دليلك الشامل لمراحل التطور

إنجاز الجلوس: نافذة طفلك الجديدة على العالم

إن مشاهدة طفلك وهو يجلس بمفرده لأول مرة هي إحدى تلك اللحظات السحرية التي لا تُنسى في رحلة الأبوة والأمومة. فجأة، يتغير منظوره للعالم بالكامل؛ لم يعد مستلقيًا ينظر إلى السقف، بل أصبح مشاركًا نشطًا يستكشف محيطه من زاوية جديدة ومثيرة. هذا الإنجاز ليس مجرد معلم حركي، بل هو بوابة للاستقلالية، حيث تتحرر يداه للعب والإمساك بالأشياء. القاعدة الذهبية التي يجب أن تتذكريها هي: الجلوس ليس سباقًا، بل هو تتويج لرحلة من القوة والتنسيق تبدأ منذ اليوم الأول.

من خلال خبرتنا، ندرك أن الآباء والأمهات غالبًا ما يقارنون أطفالهم بأقرانهم، مما يسبب قلقًا لا داعي له. هذا الدليل الشامل لن يخبركِ فقط "متى"، بل سيشرح لكِ "كيف" تحدث هذه العملية، والمراحل التي يمر بها طفلك، والأهم من ذلك، كيف يمكنكِ مساعدته ودعمه بأمان في هذه الرحلة الممتعة.

الرحلة إلى الجلوس: ليست قفزة، بل خطوات متتالية

لا يستيقظ الطفل في يوم من الأيام ويقرر الجلوس. إنها عملية بناء تدريجية للعضلات والتوازن. إليكِ المراحل الأساسية التي تمهد الطريق لهذا الإنجاز الكبير:

المرحلة الأولى: التحكم بالرأس (المؤسس الأكبر)

(منذ الولادة - 4 أشهر)
لا يمكن لأي طفل أن يجلس دون أن يكون قادرًا على التحكم برأسه. هذه هي المهارة الأساسية الأولى. في البداية، يكون رأسه متذبذبًا، ولكن مع مرور الوقت، تقوى عضلات رقبته وظهره، ويصبح قادرًا على رفع رأسه وتثبيته بثبات. "وقت الاستلقاء على البطن" (Tummy Time) هو التمرين الأكثر أهمية في هذه المرحلة.

المرحلة الثانية: الدفع بالذراعين (بناء قوة الجزء العلوي)

(4 - 6 أشهر)
عندما يكون طفلك على بطنه، سيبدأ في الدفع بذراعيه لرفع صدره عن الأرض، مثل حركة "الكوبرا" الصغيرة. هذه الحركة تبني قوة هائلة في الذراعين والكتفين والصدر، وهي عضلات حيوية لدعم الجزء العلوي من الجسم أثناء الجلوس.

المرحلة الثالثة: التدحرج (مدرسة التنسيق)

(4 - 7 أشهر)
القدرة على التدحرج من البطن إلى الظهر والعكس هي علامة رائعة على تطور القوة الأساسية (Core Strength) في عضلات البطن والظهر. هذه العضلات هي التي ستمنحه الاستقرار اللازم للجلوس دون تمايل.

المرحلة الرابعة: الجلوس بالدعم و"وضع الحامل الثلاثي" (Tripod Sit)

(5 - 7 أشهر)
هنا تبدأ المحاولات الحقيقية. يمكنكِ مساعدته على الجلوس بوضع وسائد حوله. وسرعان ما سيتعلم "وضع الحامل الثلاثي"، حيث يميل إلى الأمام ويستخدم ذراعيه كقاعدة ثالثة لدعم نفسه. هذه علامة مؤكدة على أنه على وشك تحقيقها!

إذًا، متى يبدأ الرضيع بالجلوس بمفرده فعليًا؟

بعد المرور بهذه المراحل، يصل معظم الرضع إلى هذا الإنجاز الكبير. يتفق معظم أطباء الأطفال على أن الرضع يبدأون في الجلوس بثبات ودون مساعدة في أي وقت بين عمر 6 و 9 أشهر.

في البداية، قد يكون الجلوس متذبذبًا لبضع ثوانٍ فقط قبل أن يميل ويسقط (وهذا طبيعي تمامًا!). ولكن مع الممارسة، بحلول الشهر التاسع، سيكون معظم الأطفال قادرين على الجلوس بثقة لعدة دقائق، والالتفاف، والوصول إلى الألعاب دون أن يفقدوا توازنهم.

كيف يمكنكِ مساعدة طفلك على تعلم الجلوس بأمان؟

دورك ليس تسريع العملية، بل توفير بيئة آمنة وداعمة. إليكِ أفضل الطرق للمساعدة:

  1. اجعلي "وقت البطن" أولوية قصوى: لا يمكننا التأكيد على هذا بما فيه الكفاية. ابدئي بفترات قصيرة جدًا (دقيقة أو دقيقتين) عدة مرات في اليوم منذ الولادة، وزيدي المدة تدريجيًا. اجعليها ممتعة بوضع ألعاب أمامه أو الاستلقاء معه على الأرض.
  2. ممارسة الجلوس على حضنك: اجلسي على الأرض مع تمديد ساقيك، ودعي طفلك يجلس بينهما وظهره مستندًا على بطنك. هذا يمنحه الدعم ويجعله يشعر بالأمان.
  3. استخدام الوسائد بذكاء: عندما يبدأ في محاولة الجلوس، أحطيه بوسائد داعمة (مثل وسادة الرضاعة) على الأرض. هذا يمنحه الدعم ويحميه عند السقوط.
  4. اللعب على الأرض هو الأفضل: خطأ شائع يقع فيه الكثيرون هو إبقاء الطفل في المقاعد الهزازة أو الكراسي المخصصة لفترات طويلة. هذه "الحاويات" تقيد حركته وتمنعه من ممارسة وتقوية العضلات التي يحتاجها للجلوس والزحف.
  5. شجعيه على الوصول: عندما يكون جالسًا مع الدعم، ضعي لعبة مثيرة للاهتمام أمامه مباشرة ولكن بعيدًا عن متناوله قليلاً. هذا سيشجعه على الميل إلى الأمام واستخدام عضلات جذعه.

عندما يجلس طفلك، فإنه يرى العالم من منظور جديد تمامًا. تتزامن هذه المرحلة مع تطورات بصرية هائلة، حيث يصبح قادرًا على رؤية الألوان والتفاصيل بشكل أفضل بكثير. يمكنكِ معرفة المزيد عن هذه الرحلة المذهلة في دليلنا حول متى يرى الرضيع الألوان بوضوح.

السلامة أولاً: عالم جديد من المخاطر

بمجرد أن يجلس طفلك، يصبح قادرًا على الوصول إلى أشياء لم يكن يستطيع الوصول إليها من قبل. كما أن السقوط أمر حتمي وجزء من التعلم.

  • تأمين المنطقة: تأكدي من أن منطقة اللعب على الأرض آمنة وخالية من الأشياء الصغيرة التي يمكن ابتلاعها أو الأشياء الحادة.
  • الوسائد هي صديقتك: أحطيه دائمًا بوسائد أو بطانية سميكة لتخفيف الصدمات عند سقوطه للخلف أو على الجانبين.
  • لا تتركيه أبدًا دون رقابة على الأسطح المرتفعة: لا تتركيه جالسًا على سرير أو أريكة أبدًا، حتى لثانية واحدة.

متى يجب القلق؟ (علامات تستدعي استشارة الطبيب)

تذكري أن كل طفل يتطور بوتيرته الخاصة. ومع ذلك، يوصي الخبراء باستشارة طبيب الأطفال إذا:

  • لم يكن طفلك قادرًا على التحكم برأسه جيدًا بحلول عمر 4 أشهر.
  • لم يكن قادرًا على الجلوس مع الدعم بحلول عمر 6 أشهر.
  • لم يكن قادرًا على الجلوس بمفرده دون دعم بحلول عمر 9 أشهر.
  • كانت عضلاته تبدو متيبسة جدًا أو رخوة جدًا (مرنة بشكل مفرط).
  • كان يستخدم جانبًا واحدًا من جسمه أكثر من الآخر باستمرار.

الأسئلة الشائعة حول جلوس الرضع

هل الكراسي المخصصة للجلوس (مثل Bumbo) مفيدة؟

بينما قد تبدو مفيدة، فإن معظم أخصائيي العلاج الطبيعي للأطفال لا يوصون بها للاستخدام المطول. إنها تضع الطفل في وضع جلوس سلبي دون استخدام عضلاته الأساسية، ويمكن أن تضع ضغطًا غير طبيعي على العمود الفقري والوركين. الاستخدام القصير جدًا (5-10 دقائق) قد يكون مقبولاً، لكن اللعب الحر على الأرض دائمًا أفضل.

طفلي يميل إلى الأمام كثيرًا عند الجلوس، هل هذا طبيعي؟

نعم، هذا هو "وضع الحامل الثلاثي" الذي ذكرناه سابقًا. إنه جزء طبيعي تمامًا من عملية التعلم. يستخدم ذراعيه لتحقيق التوازن بينما لا تزال عضلات ظهره تكتسب القوة. مع مرور الوقت، سيصبح قادرًا على الجلوس بشكل أكثر استقامة.

ماذا يأتي بعد الجلوس؟

الجلوس يفتح الباب أمام عالم جديد من الحركة! بعد إتقان الجلوس، سيبدأ معظم الأطفال في تعلم كيفية الانتقال من وضعية الجلوس إلى الاستلقاء على بطونهم، ثم يبدأون في الاهتزاز على أيديهم وركبهم، وهو ما يمهد الطريق للزحف (عادة بين 7 و 10 أشهر).

هل يمكن أن يتأخر طفلي في الجلوس إذا كان كبير الحجم؟

في بعض الأحيان، قد يستغرق الأطفال الأكبر حجمًا أو الأطول وقتًا أطول قليلاً لإتقان المهارات الحركية مثل الجلوس، لأنهم يحتاجون إلى بناء قوة أكبر للتغلب على الجاذبية. هذا لا يزال ضمن النطاق الطبيعي للتطور ولا يدعو للقلق عادةً.

مدونة نور الصحة
مدونة نور الصحة
مرحبًا بك في "مدونة نور الصحة"، حيث نقدم لك معلومات صحية وجمالية دقيقة تستند إلى أحدث الأبحاث العلمية. نغطي جميع جوانب العناية بالبشرة والشعر، بالإضافة إلى التغذية الصحية والرفاهية النفسية. كل ما نقدمه مدعوم بمصادر موثوقة، بهدف مساعدة قرائنا في تحسين صحتهم وجمالهم بشكل علمي وآمن. ومع ذلك، يُنصح دائمًا بالتشاور مع مختصين في الرعاية الصحية أو الخبراء قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحتك أو جمالك.
تعليقات