آخر المقالات

أسباب تساقط الشعر أثناء الرضاعة الطبيعية وطرق العلاج الآمنة

أم جديدة تنظر إلى شعرها المتساقط بقلق وتتساءل عن أسباب تساقط الشعر أثناء الرضاعة الطبيعية
أسباب تساقط الشعر أثناء الرضاعة الطبيعية وطرق العلاج الآمنة

بعد تسعة أشهر من التمتع بشعر حمل كثيف ولامع، يمكن أن تكون رؤية خصلات شعركِ تتساقط بكثرة في فرشاة الشعر أو أثناء الاستحمام تجربة صادمة ومقلقة للغاية. أول ما يتبادر إلى ذهنكِ هو سؤال "ما هي أسباب تساقط الشعر أثناء الرضاعة الطبيعية؟ وهل سأفقد كل شعري؟". دعينا نطمئنكِ أولاً: ما تمرين به هو أمر طبيعي تمامًا، شائع جدًا، ومؤقت في الغالبية العظمى من الحالات. هذا الدليل سيشرح لكِ بالتفصيل العلمي المبسط لماذا يحدث هذا التساقط، وسيفصل بين الخرافات والحقائق، ويقدم لكِ استراتيجيات عملية وداعمة لتجاوز هذه المرحلة بثقة وسلام نفسي، مع الحفاظ على صحة شعركِ قدر الإمكان.

السبب الرئيسي: تساقط الشعر الكربي بعد الولادة (Postpartum Telogen Effluvium)

الخطأ الشائع الأول هو إلقاء اللوم مباشرة على الرضاعة الطبيعية. الحقيقة هي أن الرضاعة الطبيعية ليست السبب المباشر لتساقط الشعر. ما يحدث هو ظاهرة فسيولوجية طبيعية تُعرف بـ "تساقط الشعر الكربي التالي للولادة"، وهي مرتبطة بالتقلبات الهرمونية الهائلة التي تحدث في جسمكِ بعد الولادة، سواء كنتِ ترضعين طبيعيًا أم لا.

لفهم ذلك، دعينا نلقي نظرة على دورة حياة الشعر وما يحدث خلال الحمل وبعده:

  • مرحلة الحمل (شعر الأحلام): خلال فترة الحمل، ترتفع مستويات هرمون الإستروجين بشكل كبير في جسمكِ. هذا الارتفاع في الإستروجين له تأثير رائع على الشعر؛ فهو يطيل مرحلة النمو النشط (Anagen phase) في دورة حياة الشعر. بعبارة أخرى، "يجمد" الشعر في مرحلة النمو ويمنعه من الدخول في مرحلة التساقط الطبيعية (Telogen phase). لهذا السبب، تلاحظ معظم النساء أن شعرهن أصبح أكثر كثافة ولمعانًا أثناء الحمل، لأنهن يفقدن شعرًا أقل بكثير من المعتاد.
  • مرحلة ما بعد الولادة (صدمة التساقط): بعد ولادة طفلكِ (والمشيمة)، تنخفض مستويات هرمون الإستروجين بشكل حاد ومفاجئ لتعود إلى مستوياتها الطبيعية. هذا الانخفاض الهرموني المفاجئ يعمل كـ "إشارة تنبيه" لجميع خصلات الشعر التي كانت "مجمدة" في مرحلة النمو. فجأة، تدخل نسبة كبيرة من هذه الخصلات (أحيانًا تصل إلى 30-40% من شعركِ) في مرحلة الراحة ثم التساقط في وقت واحد. "من خلال خبرتنا، نلاحظ أن ذروة هذا التساقط تحدث عادةً بين الشهر الثالث والسادس بعد الولادة، وهو ما يتزامن تمامًا مع فترة الرضاعة الطبيعية، مما يخلق هذا الارتباط الخاطئ في الأذهان."

إذًا، أنتِ لا تفقدين شعرًا جديدًا، بل تفقدين كل الشعر الزائد الذي لم يتساقط بشكل طبيعي على مدار الشهور التسعة الماضية. إنها عملية تعويضية يقوم بها الجسم ليعود إلى دورته الطبيعية.

هل هناك عوامل أخرى تزيد من تساقط الشعر أثناء الرضاعة؟

نعم، بينما التقلبات الهرمونية هي السبب الرئيسي، هناك عدة عوامل أخرى يمكن أن تزيد من حدة التساقط أو تطيل مدته. العناية بهذه العوامل يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا:

  • نقص العناصر الغذائية: الولادة والرضاعة الطبيعية تستهلكان مخزون جسمكِ من الفيتامينات والمعادن. النقص في عناصر حيوية مثل الحديد (فقر الدم)، الزنك، فيتامين د، وفيتامينات ب يمكن أن يفاقم تساقط الشعر بشكل كبير.
  • الإجهاد البدني والنفسي: العناية بمولود جديد، قلة النوم، والتعافي من الولادة كلها عوامل ضغط هائلة على الجسم. الإجهاد يرفع من مستويات هرمون الكورتيزول، والذي يمكن أن يؤثر سلبًا على دورة نمو الشعر.
  • مشاكل الغدة الدرقية: بعض النساء يصبن بحالة تُعرف بـ "التهاب الغدة الدرقية التالي للولادة" (Postpartum Thyroiditis)، والتي يمكن أن تسبب قصورًا أو فرطًا في نشاط الغدة الدرقية، وكلا الحالتين يمكن أن تسبب تساقط الشعر.
  • فقدان الوزن السريع: فقدان كمية كبيرة من الوزن في فترة قصيرة يمكن أن يضع الجسم في حالة صدمة ويؤدي إلى تساقط الشعر الكربي.
الخرافة الحقيقة العلمية
الرضاعة الطبيعية تسبب تساقط الشعر. الانخفاض الهرموني الحاد بعد الولادة هو السبب الرئيسي، ويحدث سواء كانت الأم ترضع أم لا.
سأصبح صلعاء إذا استمر التساقط. هذا التساقط مؤقت وجزء من دورة تعافي الجسم. الشعر سيعود للنمو مجددًا.
شامبو معين سيوقف التساقط فورًا. لا يوجد منتج يمكنه إيقاف العملية الهرمونية، لكن المنتجات المناسبة يمكنها دعم صحة الشعر والفروة.
يجب أن أتوقف عن الرضاعة لإنقاذ شعري. لا يوجد سبب طبي لذلك. فوائد الرضاعة الطبيعية لكِ ولطفلكِ تفوق بكثير مشكلة تساقط الشعر المؤقتة.

استراتيجيات عملية للتعامل مع تساقط الشعر أثناء الرضاعة

بما أن العملية هرمونية، لا يمكنكِ إيقافها تمامًا، ولكن يمكنكِ بالتأكيد دعم جسمكِ وشعركِ لتجاوز هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن وتسريع عملية التعافي.

1. التغذية أولاً: كلي من أجل شعركِ

ركزي على نظام غذائي متوازن وغني بالمغذيات الداعمة للشعر:

  • البروتين: البيض، الدجاج، السمك، البقوليات، والمكسرات.
  • الحديد: اللحوم الحمراء، السبانخ، العدس، الحبوب المدعمة. تناوليها مع مصدر لفيتامين C (مثل عصير البرتقال) لتعزيز الامتصاص.
  • الدهون الصحية (أوميغا 3): الأسماك الدهنية (كالسلمون)، بذور الشيا، والجوز.
  • البيوتين والزنك: المكسرات، البذور، البيض، الشوفان.
  • استشيري طبيبكِ بشأن الاستمرار في تناول فيتامينات ما قبل الولادة (Prenatal vitamins) أو تناول مكملات محددة إذا أظهرت الفحوصات وجود نقص.

2. العناية اللطيفة بالشعر وفروة الرأس

شعركِ الآن في حالة هشة. التعامل اللطيف هو مفتاح تقليل التكسر والتساقط الإضافي.

  • استخدمي شامبو وبلسم مكثف (Volumizing): هذه المنتجات غالبًا ما تكون خفيفة ولا تثقل الشعر، مما يعطي إحساسًا بالكثافة.
  • تجنبي البلسم الثقيل على الجذور: ركزي البلسم على منتصف الشعر وأطرافه لتجنب إثقال الجذور.
  • كوني لطيفة جدًا عند التمشيط: استخدمي مشطًا واسع الأسنان وابدئي من الأطراف صعودًا إلى الجذور.
  • قللي من الحرارة والتسريحات المشدودة: تجنبي "كعكة الأم" المشدودة طوال اليوم. اتركي شعركِ منسدلاً أو اربطيه برفق. هذا يقلل من الضغط على البصيلات. لمزيد من النصائح العملية، يمكنكِ الرجوع إلى دليلنا حول العناية بالشعر المتقصف والحد من تساقطه.

3. هل يمكن للسيرومات أن تساعد؟

بينما تنتظرين توازن هرموناتكِ، يمكن لبعض السيرومات أن تدعم صحة فروة رأسكِ وتخلق بيئة أفضل لنمو الشعر الجديد. ابحثي عن سيرومات تحتوي على مكونات مهدئة ومحفزة للدورة الدموية مثل النياسيناميد، الكافيين، أو الببتيدات. يمكنكِ معرفة المزيد عن المكونات الفعالة في مقالنا عن أفضل أنواع السيروم لعلاج تساقط الشعر.

4. إدارة التوتر والحصول على الراحة

نعلم أن هذا يبدو مستحيلاً مع مولود جديد، ولكن حتى 10 دقائق من الاسترخاء يوميًا يمكن أن تحدث فرقًا. اطلبي المساعدة من شريككِ أو عائلتكِ للحصول على قسط من الراحة كلما أمكن ذلك.

"تساقط الشعر بعد الولادة هو تذكير من الجسم بالتحول الهائل الذي مر به. بدلاً من الخوف منه، انظري إليه كجزء من رحلة الأمومة، مرحلة مؤقتة تمهد الطريق لنمو جديد، سواء لطفلكِ أو لشعركِ." – رؤية تساعد على تغيير المنظور.

الخلاصة: مرحلة وتمر بسلام

في النهاية، أهم ما يجب أن تعرفيه عن أسباب تساقط الشعر أثناء الرضاعة الطبيعية هو أنها ظاهرة فسيولوجية طبيعية ومؤقتة. جسمكِ يقوم بعمل مذهل في إعادة ضبط نفسه بعد رحلة الحمل والولادة. ركزي على تغذية جسمكِ جيدًا، كوني لطيفة مع شعركِ ونفسكِ، وتذكري أن هذه المرحلة ستنتهي. في غضون بضعة أشهر، سيبدأ الشعر الجديد في النمو، وستعود كثافة شعركِ تدريجيًا. هل لديكِ أي أسئلة أخرى حول هذه المرحلة؟ شاركينا إياها في التعليقات!

الأسئلة الشائعة حول تساقط الشعر بعد الولادة

س1: كم من الوقت يستمر تساقط الشعر بعد الولادة؟

ج1: عادةً ما يبدأ التساقط بعد حوالي 3 أشهر من الولادة، ويصل إلى ذروته بين 4-6 أشهر، ويبدأ في التباطؤ بشكل ملحوظ بحلول الشهر التاسع إلى الثاني عشر بعد الولادة. معظم النساء يلاحظن عودة شعرهن إلى كثافته الطبيعية بحلول عيد ميلاد طفلهن الأول.

س2: هل سيصبح شعري خفيفًا بشكل دائم؟

ج2: لا، بالنسبة للغالبية العظمى من النساء، هذا التساقط ليس دائمًا. إنه تساقط للشعر الذي كان من المفترض أن يسقط خلال الحمل. بمجرد انتهاء هذه المرحلة، ستستأنف بصيلات شعركِ دورة نموها الطبيعية.

س3: هل هناك قصة شعر معينة يمكن أن تساعد؟

ج3: نعم، الكثير من الأمهات الجدد يجدن أن قصة الشعر القصيرة (مثل قصة البوب أو اللوب) يمكن أن تساعد. فهي تجعل الشعر يبدو أكثر كثافة وحجماً، وتقلل من وزن الشعر الذي يشد على الجذور، كما أنها أسهل في العناية بها مع وجود طفل رضيع.

س4: هل يمكنني صبغ شعري خلال فترة التساقط هذه؟

ج4: يُفضل الانتظار وتجنب العلاجات الكيميائية القاسية مثل الصبغات القوية أو التشقير خلال فترة التساقط الشديد. إذا كنتِ مضطرة، اختاري صبغات لطيفة وخالية من الأمونيا، وتأكدي من أن مصفف الشعر يتعامل مع شعركِ بلطف شديد.

س5: متى يجب أن أقلق وأزور الطبيب؟

ج5: إذا استمر التساقط الشديد لأكثر من عام بعد الولادة، أو إذا كنتِ تلاحظين بقع صلعاء بدلاً من تساقط موزع بالتساوي، أو إذا كان التساقط مصحوبًا بأعراض أخرى مثل التعب الشديد أو خفقان القلب، فمن الضروري زيارة طبيب أو طبيب جلدية لاستبعاد أي أسباب أخرى مثل فقر الدم الشديد أو مشاكل الغدة الدرقية.

مدونة نور الصحة
مدونة نور الصحة
مرحبًا بك في "مدونة نور الصحة"، حيث نقدم لك معلومات صحية وجمالية دقيقة تستند إلى أحدث الأبحاث العلمية. نغطي جميع جوانب العناية بالبشرة والشعر، بالإضافة إلى التغذية الصحية والرفاهية النفسية. كل ما نقدمه مدعوم بمصادر موثوقة، بهدف مساعدة قرائنا في تحسين صحتهم وجمالهم بشكل علمي وآمن. ومع ذلك، يُنصح دائمًا بالتشاور مع مختصين في الرعاية الصحية أو الخبراء قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحتك أو جمالك.
تعليقات